مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














الخميس، 15 يوليو 2010

إنترنت بلا مودم .. ولا خط هاتف .. ولا جهاز كمبيوتر!! ..

"كل ما نفعله في هذه الحياة هو للخروج من العزلة" (مثل هندي)

لعمري لقد أصاب هذا الهندي نصف الحقيقة .. ولكنه أضاع كأكثر من في الأرض نصفها الأخطر ..

وقال الدكتور عبد الله بن محمد الأمين الشنقيطي: قال لي أبي: يا بني الكرة الأرضية أصغر من أن تكون للرجل وطنا ..ا.هـ.

ما يعني هذا الكلام؟!! ..

هناك شيء كامن في النفوس كمون النار في الزناد .. هناك طبائع فينا لم نكتشفها بعد .. زويت في العقل الباطن .. لعلها ما يسميها النفسانيون "هامش الشعور" ..
لنقم بعملية تحليل نفسي! ..

لماذا يهم الإنسان بالانتجاع .. النأي .. الهُيام في البراري .. التطويح في الصحاري .. الضرب في الأرض .. والضرب في الإنترنت؟! ..
لمَ قال الشاعر:
فاتني أن أرى الديار بطرفي *** فلعلي أعي الديار بسمعي؟! ..

ولماذا نتدخل لا لشيئ وإنما ليرد علينا من نرغب أن يرد علينا ولو بالسب لنشعر بعدها أنه .. دار في فلكنا ولو نصف دورة .. كما قال أبو نواس:
أتاني عنكِ سبكِ لي فسِبني *** أليس جرى بفيكِ اسمي فحسبي؟!!

وما سبب استدعاء الكلام مع الآخر بالجد مخلوطا بالهزل .. واصطناع أحدوثة حسنة عند اللقاء؟! ..

لماذا نقوم بهذا الدور الذي وصفه جميل بن معمر بقوله:
فلربّ عارضة علينا وصلها *** بالجد تخلطه بقول الهازلِ؟! ..

دعنا نذهب أبعد من ذلك لتعلم مدى اللقافة عند الإنسان .. ما دخل هذا الإنسان بالمريخ وزحل؟ لماذا أرسلنا المسابير سبيريت وأوبورتيونيتي وكاسيني للمريخ وزحل؟ وسررنا لمشاهدة أول تصاوير قادمة من هناك؟! .. وفرحنا لحصولنا على أدلة متوهمة تنبئ عن وجود حياة على هذين الكوكبين؟!! ..

أضقنا ذرعا بالأوادم الذين معنا في الأرض؟! ..

الإحصاءات تفيد أن عدد سكان الأرض ستة مليارات إنسان .. ويتوقع أن يصل إلى عشرة مليارات في عام 2050 .. ويريد المرء فينا أن يتعرف عليهم كلهم .. ويعرف أحوالهم وأخبارهم وطبائعهم .. وما ذلك إلا لأنه ممتلئ بالفضول .. نزّاع للمعرفة .. يريد يحصي كل شيء علما ..
تماما مثل ذلك القرد الأعور .. الذي وصفه شوقي في قصة "القرد والفيل" بقوله:
وكان ذاك القرد نصف أعمى **** يريد يحصي كل شيء علما ..

إن "المعرفة" فضلا عن أنها وسيلة للتعبد والتكسب .. فهي لذة عظمى .. لا تضاهيها لذة .. وقد جعل الرازي "لذة المعرفة" في أرقى "أقسام اللذات" ..
جاءت الإنترنت .. مدينة الخيال والأحلام .. ووندر لاند .. وصارت بيئة جديدة أغرت الناس بالترحّل إليها فارتحلوا .. يبغون .. تبادل المشاعر .. المطارحة الفكرية .. المشاركة الوجدانية .. المساجلة الشعرية .. التحرش الفكري .. تبادل الآراء .. الإرشاد والاسترشاد .. التعرف على الشعوب والقبائل .. والناس والطبائع والتقاليد .. البحث عن الحقيقة .. البحث عن السعادة .. البحث عن المفقود .. البحث عن الجديد ..

إن الإنسان .. كل إنسان بطبيعته وفطرته ميال للتجديد والبحث عن الجديد حتى يهلك .. في اللباس والدار والأثاث وفي أساليب الكلام والخطاب أيضا ..

وهذه الطبيعة مستكنة في النفس .. لا يشعر بها حتى صاحبها .. رغم مشاهدته آثارها وترددها في نفسه .. والناس متفاوتون فيها لكنهم متفقون عليها .. وما ولوج المرء الإنترنت إلا لتلك الطبيعة وتلك الرغبة .. فإن تعثر الاتصال ودخول الإنترنت فكأن الإنسان قد عزل عن العالم .. وهو يرفض العزلة بكل أشكالها وصورها .. مذ كان محبوسا في بطن أمه .. ولو وجد إنترنت وهو في بطن أمه لما خرج منها باكيا ..

هنا .. أتطوع وأقدم له بديلا عن الإنترنت .. أو هي الأصل وليست بديلا .. إنترنت تكون معه أينما كان .. إنها .. حب الله .. خوفه ورجاؤه .. قراءة القرآن .. الخلوة مع الله .. التفكر في آلاء الله .. سؤال الله .. استجداء الله .. الاطراح بين يديه .. الركون له .. الاعتماد عليه .. الإخبات له ..

ولا تحسبنّ أن المحتاج لله هو من وقع في بلية أو دهته رزية .. بل أحدنا لا يمكن أن يعيش بدون الله .. فلو تعرفت الناس كلها وتعرفتك .. فستظل في كدر وتنغيص حتى تعرف خالقك ..

قال ابن قدامة: فلو أن الإنسان عرف كل شيء ولم يعرف الله سبحانه، كان كأنه لم يعرف شيئا .. ا.هـ.

وقال ابن القيم: "فأهل الأرض كلهم في ظلمات الجهل والغي إلا من أشرق عليه نور النبوة ... ولذلك بعث الله رسله ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، فمن أجابهم خرج إلى الفضاء والنور والضياء، ومن لم يجبهم بقي في الضيق والظلمة التي خلق فيها ... فبعث الله رسله لإخراج العبد منها إلى العلم والمعرفة والإيمان والهدى الذي لا سعادة للنفس بدونه ألبتة ..الخ" ..

وإذا أردت معرفة عظمة الله وأنها أعظم من معرفة الإنترنت .. فدونك هذا الكلام الجميل لابن القيم أيضا .. قال:
الله .. اسم لمسماه كل كمال على الإطلاق، وكل مدح وحمد، وكل ثناء وكل مجد، وكل جلال وكل كمال، وكل عز وكل جمال، وكل خير وإحسان، وجود وفضل وبر فله ومنه، فما ذكر هذا الاسم في قليل إلا كثره، ولا عند خوف إلا أزاله، ولا عند كرب إلا كشفه، ولا عند هم وغم إلا فرجه، ولا عند ضيق إلا وسعه، ولا تعلق به ضعيف إلا أفاده القوة، ولا ذليل إلا أناله العز، ولا فقير إلا أصاره غنيا، ولا مستوحش إلا آنسه، ولا مغلوب إلا أيده ونصره، ولا مضطر إلا كشف ضره، ولا شريد إلا آواه، فهو الاسم الذي تكشف به الكربات، وتستنزل به البركات، وتجاب به الدعوات، وتقال به العثرات، وتستدفع به السيئات، وتستجلب به الحسنات، وهو الاسم الذي قامت به الأرض والسموات، وبه أنزلت الكتب، وبه أرسلت الرسل، وبه شرعت الشرائع، وبه قامت الحدود، وبه شرع الجهاد، وبه انقسمت الخليقة إلى السعداء والاشقياء .. ا.هـ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق