مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














الجمعة، 16 يوليو 2010

الهجرة إلى المدينة الفاضلة ..

أقيموا بني أمي صدور مطيكم *** فإني إلى قومٍ سواكم لأميلُ

فقد حُمّت الحاجات والليل مقمرٌ *** وشُدت لطيّات مطايا وأرحلُ

معشر "الوسطيين": احزبوا حقائبكم .. وشدوا ركائبكم .. واحتملوا أمتعتكم وأزوادكم .. !

فموسم الهجرة إلى "المدينة الفاضلة" قد اشتد ..

وحداة الركب تهيجوا للرحيل إلى "العالم الملائكي" ..

قد يمموا أشطارهم إلى حيث "أرض الميعاد" الخالدة ..

وتركـــــــــــــــــــونا ..

أصادف أحيانا عند تجوالي في أروقة "الوسطية" وردهاتها المكتظة طروحات غارقة في المثالية .. سابحة في الخيال .. يتزعم هذا المطروح ثلة الإصلاحيين من أعمدة "الوسطية" ..

مطالبهم وآمالهم وآلامهم: نشدان الحياة الدستورية .. التعددية الحزبية .. تفعيل مؤوسسات المجتمع المدني .. تدشين المشروع الحضاري .. التعايش السلمي .. إصلاح الفساد الإداري .. تخفيف البطالة .. الإعلام المفتوح .. إيجاد بدائل إقتصادية .. في رزنامة طويلة تزيد وتنقص من إصلاحي لآخر ..

رزنامة أشبه "برنامج إنتخابي" في "حملة إنتخابية" يتسابق فيها "ناخبون" ..

باختصار: انعقدت رؤاهم على أن الوضع الصحي المنشود أن تصير بلدتنا دولة أوربية على منهج أهل السنة والجماعة..

الجميل أنهم عند الوصول إلى مواطن النزاع ومضايق الجدل يصيحون منادين بالعود إلى منهج السلف .. والقبيح أنك إذا عدت معهم بل وقبلهم إلى منهج السلف .. قاموا بخدعتهم المكرورة فتباكوا وولولوا كالمرأة - "تبكي وهي ظالمة، تشهد وهي غائبة" - وصرخوا فينا: حتى الآن لم تفرقوا بين منهج السلف كما عليه السلف وبين منهج السلف الذي في أذهانكم ..! هيّا حلها! ..


إذا وصلنا إلى هذا الحد تعقدت القضية واشتبكت أطرافها .. وصار الحوار كحوار العمي مع الطرشان ..

لا أدري لم لا نستسلم كلنا لمنهج أهل السنة والجماعة فهما وممارسة ..

ولا أدري لم لا يتركون عقولهم عند الباب ويريحونها قليلا ويدخلون الباب سجدا ..

ما الداعي لإعمال العقل لإبتداع طريقة متخيلة راقية لإصلاح المجتمع؟! ..

ألا يسعنا منهج أهل السنة والجماعة بدلا من البرامج الانتخابية والأسطوانات المشروخة؟! ..

ألا يمكن اعتبار منهج أهل السنة والجماعة برنامجا انتخابيا جاهزا؟! ..

قال الدكتور محمد عباس: "خطيئتنا الكبرى أننا - خاصة بمفهوم الحضارة الغربية - نعطى العقل أكثر مما يستحق، وليس العقل إلا بعضا من الإنسان قدراته محدودة ومحكومة بوسائل الجسد فى تحصيل المعارف، لقد خلقنا الله ثم أعطانا من العقل ما نحتاج فعلا إليه، ما ندرك به النسبى لا المطلق، الناقص لا الكامل، والعقل يشبه حقيبة جراح تحوى من الآلات ما يمكنه من إجراء عمليات محددة، لا يمكنه أداء سواها، وعدم استعماله فيما خلق من أجله حماقة واستعماله فيما لم يخلق من أجله جنون، تماما كما أن الله قد خلق لنا قدمين نسير عليهما، فإن من يتوقف عن استعمالهما أحمق ستدفع حماقته بقدميه إلى الضمور، أما من يحاول استعمالهما للسير بهما على السحاب فهو مجنون ثم أنه لا محالة هالك، الله فاعل، والعقل البشرى محدود، فإذا كنا نؤمن بكل ذلك فلماذا نستبدل المنهج الأرضى بالمنهج الإلهى ؟.. وكيف بعد ذلك ننتظر الفلاح والنجاح ؟ " ..

هل الإسلام منهج حياة عندهم؟ أم هو منهج نظري مجرد يحتاج لرؤاهم الباهرة وعقولهم الفياضة حتى يطبق على الأرض؟! ..

هل الإسلام عندهم طروحة أم هو منهج حرفي ليس المراد إلا تطبيقه؟! ..

لله در النصيين!..

فعلا لو سكت من لا يدري لقل الخلاف ..

إن قيل: دخول البرلمانات ليس بجائز .. الديموقراطية تعارض الإسلام .. وإن سأل سائل: ما رأيكم في التعايش السلمي مع الإباحيين .. مع عبدة الشيطان .. مع الملاحدة والزنادقة - إن لم تلغ بعد من قاموسهم -؟!! ..

رجّونا وامتحنونا: حرام!.. حرام!!.. كل شيء حرام !!.. بل والنسخة الأحدث منهم تصيح: طابو !.. طابو !!..

قال الدكتور محيي الدين عميمور: "ومنذ سنوات استوردنا من بين ما استوردناه من البضاعة المغشوشة تعبير طابو؛ Tabou الذي أعجب بعض الغلمان بغنته فراحوا يحطمون كل ما أوحي لهم من هناك بأنه طابو؛ سواء أكانت رموز دولة أو أمجاد أمة أو معالم وطنية وكانت بداية المحنة الدموية في الجزائر عندما تزايدت الاستهانة بالثوابت، التي زعم الخواجات؛ أنها ذبحت الجزائر! والمقصود بالثوابت .. الولاء للوطن والتشبث بالإسلام والتمسك بالعربية." ..

قال الإمام مالك: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها..

الإمام مالك يعني: تفعيل مؤوسسات المجتمع المدني .. وتدشين المشروع الحضاري!! ..

أو ربما أنه يعني شيئا آخر .. أليس كذلك؟! ..

هنا استفسار: من أشنف للأذن وأوقع في النفس: الإمام أحمد والسفيانان ويعقوب بن شيبة وعبد الرحمن بن مهدي والليث والأوزاعي وابن المديني ووكيع وابن المبارك أم ..

محمد أركون والعروي وفهمي هويدي والترابي ونصر أبو زيد ومحمد جابر الأنصاري؟! ..

هل الطبقتان متماثلتان؟! ..

هل الأخيرة أفهم لواقع العصر من الطبقة البائدة ؟! ..

هل تقصير الثوب وإعفاء اللحية وترك الشماغ بلا عقال صفة كاشفة للانغلاق والأحادية والإقصاء؟! ..

هل لبس البذلة الإفرنجية وحلق اللحية وارتداء ربطة العنق ضرورة عصرية لا يمكن تقديم الإسلام بدونها؟! ..

هب أن المسلمين بزوا أمم الغرب والشرق في الصناعات التقنية ومختبرات النانو والقنابل النيتروجينية .. وركعناهم كما هم مركعونا اليوم .. هل ستتغير الإجابات أم تبقى؟! ..

هل نحن نتبع قاعدة مطردة أم قاعدة مطاطة؟! ..

هل "نحن" الذين نجر العربة إلى الوراء أم "الآخر" الذي يجر العربة إلى الوراء؟! ..

لقد تعايش الناخبون - أصحاب البرامج الانتخابية أعلاه - مع "الآخر" إلا "آخر" وحيد مسكين منبوذ لا يمكن أن يتعايش معه أحد .. لأنه هو الوحيد الأحادي .. الإقصائي .. المتطرف .. وسيظل أحاديا .. إقصائيا .. متطرفا حتى يتبع ملة أهل الصليب واليهود والزنادقة والبوذيين .. وملل الكفر كلها .. عندها سيُسقط عنه الناخبون "صك الحرمان" ويمنحونه "صك الغفران" ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق