مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














الخميس، 15 يوليو 2010

علمُ الدِّهان والملَق ..

اصطدتُ هذا التعبير في ثنايا مقالة لمصطفى لطفي المنفلوطي .. كان وصفا عابرا غير مقصود في الموضوع ..
لكن .. لم تزل رنته وجرسه يترددان في دماغي من يومذاك ..

لا أدري لمَ هرول الناس وتهافتوا خلف دورات البرمجة اللغوية العصبية NLP .. ودورات فن التعامل .. ودورات كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في النفوس .. ودورات فنون الإدارة والقيادة .. وجلسات ممارسة "العصف الذهني" .. ونشطوا فيها .. وبلغوا فيها الغاية .. حتى نسوا أو تناسوا هذا العلم الجليل؟! ..

بل في المكتبات .. تجد الأرفف ملأى بعشرات الكتب مرتبة بنظام عجيب .. تتحدث كلها عن تطوير الذات .. والنجاح الوظيفي! .. لكنك لن تجد من التفت أو صنف في الدهان والملق أبدا!! ..

لذا إخوتي! .. أحببت نبش هذا العلم واستخراجه من مكامنه .. لعلي أضيف بذلك علما جديدا تفيد منه البشرية .. وتنعم به الإنسانية ..

تماما كما اكتشف الخليل بن أحمد علم العَروض .. مع أن العرب في جاهليتها وإسلامها تنظم الشعر .. وتقوله على السليقة .. إلا أن الخليل أول من استنبط قواعده وكتب أصوله ..

ويقال بأن "العَروض" العلم الوحيد الذي اكتشفه وكتب أصوله وقواعده وعلله وزحافاته رجل واحد! لم يشركه فيه أحد! .. باستثناء "المتدارك" الذي تداركه "الأخفش" ..

كذلك "الدهان والملق"! ..

دائما ما أرى كثيرا من الناجحين في الدهان والملق في الحياة العملية .. وُفقوا فيهما توفيقا كبيرا .. وحذقوا حذقا عظيما .. لكم أحسدهم! .. ولكم منيتُ نفسي أن أجيد مثل ما أجادوا فأفوز مثل ما فازوا! ..

اليوم .. قررتُ الاستعانة بأصول "البحث العلمي" لاستخراج موضوع هذا العلم وثمرته وحدّه .. لما زعم بعض النظّامين أن لكل علم عشرة مبادئ .. جمعها في ذين البيتين:

إن مبادئ كل علم عشرة *** الحد والموضوع ثم الثمرة

ونسبته وفضله والواضع*** الاسم الاستمداد حكم الشارع ..

ولا أود أن يستدرك علي أحد فيه شيئا إلا أن يكون كالأخفش! ..

الاسم: علم الدِّهان والملَق ..

الواضع: Khalid Alharbi ..

الحد: هو ملكة فطرية أو مكتسبة، تميل أوتوماتيكيا إلى رأي الشخص الأقوى أو الأغنى، تقتل في قلب صاحبها الاعتراض والإبداع والإصلاح؛ والانفعال عموما، وترسم على شفتي صاحبها ابتسامة لا تفارقهما، فهما دائمتا الانفراج، كأنما قد انحلت عضلاتهما فلا تنطبقان.

قيل أن الدهان والملق بمعنى .. وقيل بينهما عموم وخصوص وجهي .. فالله أعلم ..

الثمرة: الدراهم والدنانير، والتقديم، والترقية، والاصطفاء ..

وللفائدة فهو علم لا تخسر فيه شيئا أبدا .. إلا شرفك ومبادئك .. أما حديث معاذ مرفوعا: "ليس من خلق المؤمن الملق" فإنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة .. ويدفعه أيضا أن التملق قد يكون عبادة .. لأنه من أسباب الكسب والرزق .. وقد قال شوقي وأجاد:

سعي الفتى في عيشه عبادة **** وقائدٌ يهديه للسعادة

لأن بالسعي يقوم الكونُ **** والله للساعين نعم العونُ

فماء الوجه رخيص مقابل قرص الخبز .. وقتل الاعتراض والإبداع ليس بشيء أمام حفنات الدراهم والدنانير .. كما أن تبسمك في وجه أخيك صدقة ..!

لكن .. ما يؤسفني قوله .. أن هذا العلم آلة ومَلَكة لا تتهيئ لكل أحد، مهما علت همته وسمت نفسه في تحصيله .. وأن هناك ما يسمى بالاستعداد الفطري أو قبول المحل .. وهذا هو جوهر وأساس التمكن في هذا العلم ..

فإن كنت لا تجد الاستعداد الفطري فلا تجهد نفسك ولا تكرث فؤادك! .. وافعل كما فعل الأصمعي حين درس العَروض زمانا طويلا فلم يفلح! .. فسأله أستاذه يوما أن يقطّع هذا البيت:

إذا لم تستطع شيئا فدعه **** وجاوزه إلى ما تستطيعُ ..

ففهمها الأصمعي وترك المجلس وانطلق يطلب العربية .. حتى صار من أئمتها ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق