مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














الخميس، 15 يوليو 2010

مقدمة كتابي: "الأربعين في الحب" ..


المقدمة:

الحمدُ لله الغفور الودود، المتفضِّل المعبود، مؤلِّف القلوب، وجامع الدروب، خلق من كل شيءٍ زوجين، وأعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى، خلق حوّاء سكناً لآدم، وعطفَ بآدم على حوّاء، وجعل بينهما مودة ورحمة، وتكاملا ولُحمة، فلله الحمد والمنة، وله الشكر والنعمة، على عطائه الممدود، وإحسانه المعهود، إنّ ربي رحيمٌ ودود.

والصلاة والسلام على نبيه المصطفى، وخليله المرتضى، إمام المرسلين، وخاتم النبيين، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والبشير النذير، والسراج المنير، القائل في الأخبار الصحاح: لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم.

وبعد .. فهذه أربعون حديثا نبويا، كلها في "الحب"، مصفوفة بانتظام، مرصوفة بإحكام، حُسنها في الاختيار، وسِرُّها في الترتيب، وقوتُها في العزو والتخريج، قلادةٌ من أربعين درَّة، منظرها مُعجِب، ومخبرها مُغني، زيّنتها الحواشي، ولوّنتها النكات، ليعلمَ الناسُ أنّ في ديننا فسحة، وأن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، وأنه سكت عن أشياء رحمة بنا غير نسيان.

ليس من العدل والرَّحمة، ولا العقل والحِكمة، أن تُكتم الكلمات، وتُكبت الرغبات، ويُتجاهل أجلى وأحلى مظاهر الحياة، وما دارت الأفلاك، ولا تعاقب الملوان، ولا التفّ الغُصن على الغُصن في الغابة النائية، ولا عطفَ الظبي على الظبية في الكِناس البعيد، ولا حنى الجبل على الرابية الوادعة، إلا لأجل الحب.

ولولا الحب؛ لما سجَعت الأطيار، ولا ضحِكت الأزهار، ولما بكى الغمام لجدب الأرض، ولما عانقت الشمسُ بواكير الفجر، ولا كانت الحياة.

لقد استوعبَ الإسلامُ جميع مظاهر الحياة، لم يغفل منها شيئا، أمر ونهى، ندَب وكرِه، وسكت، فضيّق أقوامٌ ما لهم فيه مندوحة، وأنكروا ما هو معلومٌ بالضرورة، فكانت "الأربعين في الحُبّ"، تنبيها للقاصي والداني، والساخط والراضي، أنّ الحب؛ ما لم يقد للمحظور، أو يخالف المأمور، فليس نُكرا من القول، ولا هَجرا في الحديث.

جمعتُ هذه الأحاديث من الصِّحاح والمساند، والسُّنن والمعاجم، مخرّجة، محققة أحيانا، ومقطعة نادرا، جعلتها أربعين استنانا بمن أفرد الأربعين حديثا في بابٍ واحد، كـ"الأربعين في الأخلاق" للبيهقي، و"الأربعين في الجهاد" لابن عساكر، و"الأربعين في التوحيد" للهرَوي، و"الأربعين في النكاح" للبَكري، و"الأربعين في المزاح" لطاشكبري زاده، و"الأربعين في الطب" للبرزالي.

ثم جاءت "الأربعين في الحُبّ"، جمعتُها وأذعتُها، إجماما للنفس، واعتبارا للفطرة، ورحمة للرجال، ورفقا بالقوارير.

ولقد سبق في إفراد هذا الباب في مصنفٍ واحد جماعة، كـ"اعتلال القلوب" للخرائطي، و"طوق الحمامة" لابن حزم، و"مصارع العشّاق" للسرّاج، و"روضة المحبين" لابن القيم.

بل في كتب السنة إشارةٌ لهذا الباب، فقد بوّب النسائي في "الصغرى": "باب حُب النساء" والهيثمي في "المجمع": "بابٌ في محبة النساء".

وأقول ختاما، إنّ هذا الكتاب ليس دعايةً للحب، فـ"الحب من الله، والفَرْك من الشيطان" كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، لكن؛ قد يُستنبط عند تمام قراءة الأربعين في الحب ضبطٌ لأطره، ورسمٌ لحدِّه، ووجهٌ للتعامل عند وقوعه، وتصويبٌ للرأي عند معالجته.

والله أعلى وأعلم، ونسبة العلم إليه أسلم وأحكم، فإن أصبتُ فمن الله، وإن أخطأت فمني والشيطان، والله ورسوله منه بريئان، والصلاة والسلام على سيد الأنام، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق