مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














السبت، 14 أغسطس 2010

في أكناف مجلس الشيخ الشنقيطي ..

أمّا قبل .. فهو درسٌ مبارك .. يعزّ أن تجد مثاله في زمانٍ من الأزمنة ..

حين تلجُ من باب مسجد الملك سعود بالشرفية .. أول ما تعانق وجهك نسمات هواء باردة منعشة .. تتنسم فيها رائحة العود والعطر والإيمان .. سر بضع خطوات! ترَ صوبك جماعة من المسبوقين يبتدرون السواري يصلّون تحية المسجد .. فإن مضيت إلى القدّام ستلقى حلقة عظيمة في محراب المسجد .. تتسع حتى تملأ الرحبة الوسطى .. وتصل في الموسم إلى طرف الرواق الممتد بين البابين العظيمين! .. هناك في تلك الحلقة .. ستجد شببة متقاربين .. وجوههم لألاءة .. أكنافهم موطأة .. كأنهم الولدان المخلدون .. مستقبلي كرسي الشيخ .. ينتظرون قعوده على كرسي التحديث .. قد أحضروا كراريسهم ومحابرهم .. يدونون علم الشيخ وفرائده ونكاته ..

يدخل الشيخ من بهو المسجد .. من الباب الصغير الأيمن للناظر تجاه القبلة .. يركع ركعتين خفيفتين .. فإذا انفتل من صلاته سار إلى مقعده .. وسلم على الناس تسليما خافتا لا يوقظ النائم ويسمع اليقظان .. فيرد الأدنون من الشيخ السلام .. فيسمعهم من وراءهم فيردون السلام .. ويسمعهم من وراءهم فيردون .. وهكذا حتى آخر رجل في الحلقة ..

إن فزت يوما بالحضور .. سترى الشيخ يرتدي عباءة داكنة غليظة الحاشية .. وغترة بيضاء صقيلة .. تحتها كوفية سميكة تبرق بياضا .. لباسٌ بذّ .. لكنه بالغ النظافة .. حسن الكي .. ولا أبالغ إن قلت أن لباس الشيخ أنظف وأنصع لباس في المسجد ..

هناك مشهدٌ آخر من العجب العاجب .. فعند انقضاء صلاة العشاء .. يتطاير جماعة من الطلاب ويحفون بالشيخ في لمح البصر .. أحسب أنه قبل أن يتم تسليمته الثانية .. غالبهم من الناشئة ومحبي أهل العلم والفضل .. ترى الشيخ يترفق بهم ويلين لهم الكلام ويجالسهم ساعة ثم يقوم .. وهم من حوله مكتنفوه ومشيعوه .. يمشي الشيخ يجيب سائلا ويحل معضلة وينصح ويرشد حتى يخرج من باب المسجد .. والموكب ماضٍ في ملازمته .. هناك تبدأ الأسئلة الخاصة .. فيشير الشيخ إلى مشيعيه أن تجافوا قليلا .. فيمتثلون .. يسأله السائل في أذنه فيرد الشيخ عليه في أذنه .. احتراما ورعاية لخصوصية الموضوع .. وهكذا حتى يضع الشيخ قدمه في السيارة ويبقي الأخرى خارجا وهو أثناء ذلك يملي جوابا أو يبذل نصيحة .. ثم يدخل سيارته وينطلق ..

من ستة عشر عاما وهذا دأب الشيخ .. وهذا المشهد لا ينخرم ولا يتبدل ..

إن عرّج بك السيرُ يوم الأربعاء إلى جدة فلا تفوّت عليك الانغماس في قطعة الفردوس هذه! .. ستدرك بعد ذلك حقا أن "جدة غير"! ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق