مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

فاكس عاجل من (ابن عبد ربه) إلى كتاب (المنتديات) ..

لا شك أن دنيا الإنترنت .. وثورة الميديا .. أفرزتا لنا أشياء كثيرة جعلتنا نتصل ببعض في مشارق الأرض ومغاربها .. وحققت فعليا مقولة (العالم قرية واحدة) ..

من حسنات هذه الإنترنت .. المنتديات .. تلقفها العرب مباشرة .. وطاروا بها وتطوروا فيها في وقت قصير .. واشتهرت بعض هذه المنتديات .. كمنتدى الساحات مثلا .. وهو الأول عربيا .. ووصل عدد الكتاب فيه إلى ثمانين ألف كاتب ثم توقف التسجيل .. إلا بالواسطة .. وغيره الكثير من المنتديات .. لكل منتدى نكهته وطابعه خاص .. وله رواده وزبائنه .. ولو كان هناك أحيانا تقارب في الأهداف والطرح والإشراف ..

هناك كتاب ممتازون مروا على المنتديات .. منهم من ارتحل عنها وانخرط في دوامة الحياة .. ومنهم من بقي يقاتل .. ومنهم من لحق بها بعدُ .. وهكذا ..

التطلع إلى الكمال صفة حميدة .. وادعاء الكمال خلة ذميمة .. ولتحقيق الأول خصوصا في مجال الكتابة .. وجدتُ أن حركة الكتابة وتباري الكتاب موجود من قديم .. قد أطال في بيانه وتبويبه وتفريعه ابن عبد ربه الأندلسي في "العقد الفريد" .. ولو كانت أيامهم الإنترنت ومقاهي الإنترنت مفتوحة .. لما لقينا من يسمح لنا أن نزاحمهم أو أن نخط سوداء في بيضاء معهم .. ولكن .. خلا لك الجو فبيضي واصفري .. ونقري مـا شئت أن تنقري ..

قبل أن نجتهد في رسم ملامح الكاتب أرى أنه يجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون .. فلنسمع ونع ما كتبوه عن صفة الكاتب وأبواب أخرى متعلقة بفن الكتابة .. كلها مأخوذة من "العقد الفريد" نقلا عن موقع "الوراق" ..

فدونكم هذه المقتطفات:

[صفة الكتّاب]

قال إبراهيم بن محمد الشيباني: من صفة الكاتب اعتدال القامة، وصغر الهامة، وخفة اللهازم، وكثافة اللحية، وصدق الحس، ولطف المذهب، وحلاوة الشمائل، وحسن الإشارة، وملاحة الزي، حتى قال بعض المهالبة لولده: تزيوا بزي الكتاب، فإن فيهم أدب الملوك وتواضع السوقة.

وقال إبراهيم بن محمد الكاتب: من كمال آل الكتابة أن يكون الكاتب: نقي الملبس، نظيف المجلس، ظاهر المروءة، عطر الرائحة، دقيق الذهن، صادق الحس، حسن البيان، رقيق حواشي اللسان، حلو الإشارة، مليح الاستعارة، لطيف المسالك، ومستقر التركيب؛ ولا يكون مع ذلك فضفاض الجثة، متفاوت الأجزاء، طويل اللحية، عظيم الهامة؛ فإنهم زعموا أن هذه الصورة لا يليق بصاحبها الذكاء والفطنة.

قال الشاعر:
عليك بكاتب لبـق رشـيقِ **** زكي في شمائله حـرارة
تناجيه بطرفك من بـعـيدٍ **** فيفهم رجع لحظك بالإشارة

ونظر أحمد بن الخصيب إلى رجل من الكتاب؛ فدم المنظر، مضطرب الخَلق، طويل العثنون، فقال: لأن يكون هذا فنطاس مركب أشبه من أن يكون كاتبا.

فإذا اجتمعت للكاتب هذه الخلال، وانتظمت فيه هذه الخصال، فهو الكاتب البليغ، والأديب النحرير، وإن قصرت به آلة من هذه الآلات، وقعدت به أداة كل هذه الأدوات، فهو منقوص الجمال، منكسف الحس، منحوس النصيب.

[ما ينبغي للكاتب أن يأخذ به نفسه]
قال إبراهيم الشيباني: أول ذلك حسن الخط الذي هو لسان اليد - قلت: كفتناه الكيبورد -، وبهجة الضمير، وسفير العقول، ووحي الفكرة، وسلاح المعرفة، وأنس الإخوان عند الفرقة، ومحادثتهم على بعد المسافة، ومستودع السر، وديوان الأمور.

ولست أجد لحسن الخط حدا أقف عليه أكثر من قول علي بن ربن، النصراني الكاتب، فإني سألته واستوصفته الخط، فقال: أعلمك الخط في كلمة واحدة، فقلت له: تفضل بذلك فقال: لا تكتب حرفا حتى تستفرغ مجهودك في كتابة الحرف، وتجعل في نفسك إنك تكتب غيره حتى تعجز عنه، ثم تنتقل، إلى ما بعده ... ولا يكون الكاتب كاتبا حتى لا يستطيع أحد تأخير أول كتابه وتقديم آخره.

وأفضل الكتاب ما كان في أول كتابته دليل على حاجته، كما أن أفضل الأبيات ما دل أول البيت على قافيته.

فلا تطيلن صدر كتابك إطالة تخرجه عن حده، ولا تقصر به دون حده، فإنهم قد كرهوا في الجملة أن تزيد صدور كتب الملوك على سطرين أو ثلاثة أو ما قارب ذلك.

وقيل للشعبي: أي شيء تعرف به عقل الرجل؟ قال: إذا كتب فأجاد. وقال الحسن بن وهب: الكاتب نفس واحدة تجزأت في أبدان متفرقة.

فأما الكاتب المستحق اسم الكتابة، والبليغ المحكوم له بالبلاغة، من إذا حاول صيغة كتاب سالت عن قلمه عيون الكلام من ينابيعها، وظهرت من معادنها، وبدرت من مواطنها، من غير استكراه ولا اغتصاب.

بلغني أن صديقا لكلثوم العتابي أتاه يوما فقال له: اصنع لي رسالة، فاستعد مدة ثم علق القلم، فقال له صاحبه: ما أرى بلاغتك إلا شاردة عنك. فقال له العتابي: إني لما تناولت القلم تداعت علي المعاني من كل جهة، فأحببت أن أترك كل معنى حتى يرجع إلى موضعه ثم أجتني لك أحسنها ... فإن كان لا بد لك من طلب أدوات الكتابة فتصفح من رسائل المتقدمين ما يعتمد عليه، ومن رسائل المتأخرين ما يرجع إليه، ومن نوادر الكلام ما تستعين به، ومن الأشعار والأخبار والسير والأسمار ما يتسع به منطقك، ويطول به قلمك، وانظر في كتب المقامات والخطب، ومجاوبة العرب، ومعاني العجم، وحدود المنطق، وأمثال الفرس ورسائلهم وعهودهم وسيرهم ووقائعهم ومكايدهم في حروبهم، والوثائق والصور وكتب السجلات والأمانات، وقرض الشعر الجيد، وعلم العروض، بعد أن تكون متوسطا في علم النحو والغريب، لتكون ماهرا تنتزع آي القرآن في مواضعها، والأمثال في أماكنها، فإن تضمين المثل السائر، والبيت الغابر البارع، مما يزين كتابك، ما لم تخاطب خليفة أو ملكا جليل القدر، فإن اجتلاب الشعر في كتب الخلفاء عيب، إلا أن يكون الكاتب هو القارض للشعر والصانع له، فإن ذلك يزيد في أبهته.

[فضائل الكتابة]
قال أبو عثمان الجاحظ: ما رأيت قوما أنفذ طريقة في الأدب من هؤلاء الكتاب، فإنهم التمسوا من الألفاظ ما لم يكن متوعرا وحشيا، ولا ساقطا سوقيا. وقال بعض المهالبة لبنيه: تزيوا بزي الكتاب فإنهم جمعوا أدب الملوك وتواضع السوقة. وعتب أبو جعفر المنصور على قوم من الكتاب فأمر بحبسهم، فرفعوا إليه رقعة ليس فيها إلا هذا البيت:
ونحن الكاتبون وقد أسأنا **** فهبنا للكرام الكاتبينـا
فعفا عنهم وأمر بتخلية سبيلهم.

وقال المؤيد: كتاب الملوك عيونهم الناظرة، وآذانهم الواعية، وألسنتهم الناطقة. والكتابة أشرف مراتب الدنيا بعد الخلافة، وهي صناعة جليلة تحتاج إلى آلات كثيرة.

وقال سهل بن هارون: الكتابة، أول زينة الدنيا التي إليها يتناهى الفضل، وعندها تقف الرغبة.


[ما يجوز في الكتابة وما لا يجوز فيها]
قال إبراهيم بن محمد الشيباني: إذا احتجت إلى مخاطبة الملوك والوزراء والعلماء والكتاب والخطباء والأدباء والشعراء وأوساط الناس وسوقتهم، فخاطب كلا على قدر أبهته وجلالته، وعلوه وارتفاعه، وفطنته وانتباهه. واجعل طبقات الكلام على ثمانية أقسام؛ منها: الطبقات العلية أربع، والطبقات الآخر، وهي دونها، أربع؛ لكل طبقة منها درجة، ولكل قسمها، لا ينبغي للكاتب البليغ أن يقصر بأهلها عنها ويقلب معناها إلى غيرها ... ا.هــ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق