مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














الاثنين، 2 أغسطس 2010

في طابور الفول .. كن عبد الله المظلوم ولا تكن عبد الله الظالم! ..

في أيام رمضان وعرفة وعاشوراء .. تزدهر صناعة الفول .. وتمتلأ الجرار .. وتتقاطر الناس .. وتزدحم الصفوف .. حتى التصق اسم الفول بالصيام .. بل صار في قائمة المطاعم الفخمة .. وفي بوفيهات فنادق الخمسة نجوم! ..

مع ذلك .. لا أحب أن أدخل طابور الفول خصوصا في ساعات الذروة .. حيث المنظر العام لا يتناسب والشكل الحضاري .. وأصرُّ على الأهل إن طلبوا الفول أن يصنعوا "فول مدمّس" مع "الكشنة" .. فهذا أيسر في الشراء .. وأحفظ لماء الوجه ..

غير أنه في بعض الأحايين تنخرم القاعدة .. وتحنّ النفس .. ويزداد الإغراء بالفول .. وتصبح لذة طبق فول الجرة لا تقاوم .. فأميل مع العاصفة ..

وقد فعلتها اليوم .. تحينت فرصة .. وتخيرت فوالا ليس بالمشهور وليس بالمغمور .. وكنت ثالث ثلاثة أو رابع أربعة .. وما هي إلا لحظات وإذا بالطابور ينحرف عن مساره من كثرة الناس! .. لا أدري متى جاءوا؟ ولا من أين جاءوا؟! ..

تمنيتُ أن لا يراني صديقٌ وأنا أنتظر دوري .. فجأة جاء بدوي خشن الطبع .. عليه جفوة الأعراب .. واجتاز الطابور بأكمله .. وصعد على عتبة المحل وأدخل رأسه من نافذة صغيرة وصرخ في البائع وأمره أن يعجّل له في "الطلب" .. لا أدري .. هل حضر قبلنا؟ أم ترك دوره وعاد إليه؟! أم أنه يحمل بطاقة "النخبة" في بنك من البنوك؟! ..

تعطل الدور .. وسمعت همهمات الناس .. وتبرمهم .. وتخوفت من حدوث معركة أو تراشق بالكلام .. فأقع في ما فررت منه .. فجعلتُ أشيح بوجهي إلى الجهة الأخرى خشية أن أتورط في "معركة فول" .. أخذ البدوي يصيح ويصرخ .. ولا أتبين من كلامه شيئا .. حتى رمى عليه الفوال كيسا مملوءا بالفول .. فلفه حول ذراعه وأدار وجهه إلينا وقال: هيّه .. فـمان الله .. وانصرف راشدا ..

معارك طوابير الفول كثيرة ومتكررة وشرسة .. وسمعت عن حالات تدخلت فيها الشرطة .. وحالات تم نقل المصابين فيها بالإسعاف .. وفجائع كثيرة ..

مرة أخرى .. كنت قد دعوتُ بعض الأصدقاء إلى الغداء بعد صلاة الجمعة .. فكرتُ ماذا أقدم لهم .. فاستقر رأيي على السمك .. وبالفعل .. صليت في مسجد قصير الخطبة قصير الصلاة .. وغدوتُ من فوري مهرولا إلى محل الأسماك .. فوجدت أمة من الناس قد وصلت قبلي ورابطت على باب المحلّ .. فلم أستطع حتى القرب من باب المحل .. كان الباب موصدا بالحديد .. وكان القوم يضعون أيديهم على أصفاد الباب متحينين ساعة الصفر .. كان منظرهم كمساجين ينتظرون الإفراج عنهم .. ولم أكن لأفعل كهذه الفعلات ولكني كنتُ في حرجٍ من الضيوف أن يحضروا وما هيئت لهم طعاما .. ولو تأخرت في الطلب لتأخر الغداء .. فتح أحد العمّال الباب فهجمت الرجال .. وهجمتُ معهم .. التقطت عددا من الأسماك ووزنتها ونقدت البائع الثمن .. أخبرني أنه سيطرحه في المقلى حالا .. والموعد بعد نصف ساعة ..

حقيقة كان هناك رجلٌ قمة في الأدب والذوق .. وقبل ذلك العقل .. كان حاضرا قبلي .. ولما اقتحمنا الدكان .. تركنا نعدو وحدنا .. كأننا في "ثورة جياع" .. ونجمع من السمك ما نريد .. ودخل هو بعدنا في هدوء وتؤدة .. لم يزاحم ولم يرفع صوته .. بل بهدوء ورزانة جمع أسماكه ووضعها في آخر "السرا" ..

خجلتُ من فعلتي وأدركتُ أنا نحتاج إلى القدوة .. بفعله لا بفيه .. لقد أثر فيّ تصرفه .. وعزمت بعدها أن أحذو حذوه .. وأن أكون عبد الله المظلوم لا عبد الله الظالم في طابور الفول والسمك ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق