مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

المتشاوف والعداد والجراف والمجنح والمزبد والشطرنجي والبهات واللتات ..

وقال الأبشيهي في المستطرف - وهو نقلٌ مستطرف -:

[ باب في الطعام وآدابه والضيافة وآداب المضيف وأخبار الأكلة وما جاء عنهم وغير ذلك]

.. ومما يعاب على الضيف أمور منها كثرة الأكل المفرط، إلا أن يكون بدوياً، فإنها عادته. ومنها أن يتتبع طريق الشرهين كمن يتخذ معه خريطة مشمعة يقلب فيها الزبادي والأمراق والحلوى وغير ذلك، ومنها أن يأخذ معه ولده الصغير ويعلمه أن يبكي وقت الانصراف من الطعام ليعطى على اسم ولده الصغير، ومنها قبح المؤاكلة، وقد عد فيها عيوب كثيرة، فمنها: المتشاوف والعداد والجراف والرشاف والنفاض والقراض والبهات واللتات والعوام والقسام والمخلل والمزبد والمرنخ والمرشش والمفتش والمنشف والملبب والصباغ والنفاخ والحامي والمجنح والشطرنجي والمهندس والمتمني والفضولي.
فأما المتشاوف: فهو الذي يستحكم جوعه قبل فراغ الطعام، فلا تراه إلا متطلعاً لناحية الباب يظن أن ما دخل هو الطعام. وأما العداد، فهو الذي يستغرق في عد الزبادي ويعد على أصابعه، ويشير إليها، وينسى نفسه.

والجراف: هو الذي يجعل اللقم في جانب الزبدية ويجرف بها إلى الجانب الآخر. والرشاف: هو الذي يجعل اللقمة في فيه ويرتشفها، فيسمع لها حين البلع حس لا يخفى على جلسائه، وهو يلتذ بذلك. والنفاض: هو الذي يجعل اللقمة في فيه وينفض أصابعه في الزبدية. والقراض: هو الذي يقرض اللقمة بأطراف أسنانه حتى يهذبها ويضعها في الطعام بعد ذلك.


والبهات: هو الذي يبهت في وجوه الآكلين حتى يبهتهم، ويأخذ اللحم من بين أيديهم. واللتات: هو الذي يلت اللقمة بأطراف أصابعه قبل وضعها في الطعام. والعوام: هو الذي يميل ذراعيه يمنة ويسرة لأخذ الزبادي. والقسام: هو الذي يأكل نصف اللقمة ويعيد باقيها في الطعام من فيه. والمخلل: هو الذي يخلل أسنانه بأظفاره، والمزبد: هو الذي يحمل معه الطعام. والمرنخ: هو الذي يرنخ اللقمة في الأمراق، فلا يبلع الأولى حتى تلين الثانية. والمرشش: هو الذي يفسخ الدجاج بغير خبرة فيرش على منى مؤاكليه.

والمفتش: هو الذي يفتش على اللحم بأصابعه. والمنشف: هو الذي ينشف يديه من الدهن باللقم ثم يأكلها. والملبب: هو الذي يملأ الطعام لباباً. والصباغ: هو الذي ينقل الطعام من زبدية إلى زبدية ليبرده. والنفاخ: هو الذي ينفخ في الطعام. والحاسي: هو الذي يجعل اللحم بين يديه فيحميه من مؤاكليه. والمجنح: هو الذي يزاحم مؤاكليه بجناحيه حتى يفسح له في المجلس، فلا يشق عليه الأكل.

والشطرنجي: هو الذي يرفع زبدية ويضع زبدية أخرى مكانها. والمهندس: هو الذي يقول لمن يضع الزبادي ضع هذه هنا وهذه ههنا، حتى يأتي قدامه ما يحب. والمتمني: هو الذي يقول: ليتني لم يكن معي من يأكل.

والفضولي: هو الذي يقول لصاحب المنزل عند فراغ الطعام، إن كان قد بقي عندك في القدور شيء، فاطعم الناس، فإن فيهم من لم يأكل.

ومن الأضياف من لا يلذ له حديث إلا وقت غسل يديه، فيبقى الغلام واقفاً والإبريق في يده والناس ينتظرونه.

ومنهم من يغسل يديه بالاشنان مرة واحدة، فإذا اجتمع الوسخ والزفر تسوك بهما. ومنهم من يدخل الدار فيبتدىء بالهندسة أولاً، فيقول: كان ينبغي أن يكون باب المجلس من ههنا، والإيوان كان ينبغي أن يكون من ههنا، وينتقل من الهندسة إلى ترتيب المجلس، فينقل الفاكهة من موضعها إلى موضع آخر، وإن كان قد استحكم جوعه استعفى من الطعام، وذهل عن بقية الأضياف وشدة جوعهم. ومنهم من يخرج فيطوف على أصدقاء صاحب الدعوة، فيتألم عن انقطاعهم ويستوحش من غيبتهم ويسلطهم على عرض صاحبهم.

ولقد حكي عن مغن غير مجيد أنه لم يبطل ولا ليلة واحدة، وما ذاك إلا أنه كان إذا سئل أين كنت قال: كنت عند الناس، وإذا قيل له: أين أكلت؟ قال: أكلت في بطني، وإذا قيل له: أين شربت؟ قال: شربت في فمي. ومنهم من يفهم عن صاحب الدعوة أنه يقول لغلامه: اشتر كذا، فيقول: والله العظيم أو الطلاق الثلاث يلزمه ما يشتري شيئاً فأفوقه، فيعجز صاحب المنزل ويخجله إذا لم يكن في بيته شيء موجود، وليت شعري إذا كان لا يأكل فلأي شيء حضر. ومنهم من يرى صاحب البيت قد أسر إلى صديقه شيئاً، فيقول: ما الذي قال المولى لصاحبنا، وهو لا يريد أن يعلمه، ومنهم من يستعجل صاحب المنزل بالأكل ويشكو الجوع ويظن أن ذلك بسط مكارم أخلاق، وإنما ذلك يكون في بيته لا في بيوت الناس. ومنهم من يقول لصاحب الدعوة: من يغني لنا، فيقول: فلان، فيقول له: غلطت لم لا دعوت فلاناً، ومنهم من يسأل صاحب البيت، كيف قوته في النكاح، فيقول له: أنا رجل كبير قد ضعفت قوتي وشهوتي، أو يقول: ما لي قوة طائلة في ذلك، فيقول: أنا
والله كلما مر علي عام تزايدت شهوتي وكثر لهذا الفن تشوفي، ويعلن بذلك حتى تسمعه صاحبة البيت.

ومنهم من يشكو حاله مع أهل بيته ويذكر نفقته عليهن وكسوته لهن وكثرة إنعامه وإحسانه إليهن، وما عليه زوجته من سوء الأخلاق وكبر النفس، لتستقل زوجة صاحب البيت ما هي فيه مع زوجها، وربما كان ذلك سبباً لفراقها منه، ومنهم من تعجبه نفسه ويستحسن لباسه، ويستطيب رائحته، وإذا سمع الغناء تواجد، وأظهر الطرب، وحرك رأسه، ويقوم قائماً يتمايل حتى يرى أهل الرجل أنه لطيف الشكل بديع الحركات، ويظن في نفسه أنه يعشق وأن رسول صاحبة البيت لا يبطىء عنه، ومنهم من يقال له: العب الشطرنج، فيأباه ويشتغل بالدندنة، فيقع في الفضول ومنهم من يتأمر على غلمان صاحب البيت ويهين أولاده، ويظن أنه يدل عليهم، ومنهم من يقول له صاحب البيت: كل، فيقول: ما آكل إلا أنا ورفيقي. ومنهم من يسمع السائل على الباب، فيتصدق عليه من مال صاحب البيت بغير إذنه أو يقول للسائل: فتح الله عليك، ومنهم من يدعو الناس لصاحب الوليمة بغير إذنه ويقلده بذلك المنن وأكثر الناس واقع في ذلك.


نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يعيذنا من شرور أنفسنا بمنه وكرمه إنه جواد كريم رؤوف رحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.ا.هـ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق