مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














الاثنين، 2 أغسطس 2010

واعظ! ..

حدثني صديق .. قال:
في الصيف الماضي .. أخذت والدتي إلى أحد المخيمات الصيفية .. لم يكن همي إلا إخراج والدتي من البيت ودفع السآمة والوحشة عنها .. فقد كبرت سنها .. وتزوج أكثر ولدها .. وحق برها .. وحان أداء الدين الذي لها .. فقصدت أحد المخيمات الصيفية .. وهذه المخيمات فضلها كبير وخيرها عميم ..

يقول صديقي:
أدخلت والدتي القسم المخصص للنساء .. وقعدتُ في قسم الرجال .. لم يك يعنيني عنوان المحاضرة أو المحاضر أو الوقت أو البرنامج .. لم أبغي إلا قطع الرتابة وكسر الروتين وتجديد النشاط لوالدتي ولي ..

كان هناك واعظ .. بدأ موعظته .. واشتدت نبرته .. وانتفخت أوداجه .. كان يتكلم بالتفصيل الممل المخل .. عن الانحرافات الجنسية والجرائم الأخلاقية للشباب والفتيات .. ويؤكد ذلك بقصص وشواهد مقززة منفرة .. وحكايات فظيعة شنيعة .. وما كان يخرج من فاجعة إلا وقد بدأ بطامة .. كنت أتلمظ غيظا وأرتجف خوفا على والدتي عند سماع تلك القصص .. فهذا شاب اتصل عليه يشكو له ما يعانيه من تحرشات جنسية به .. وهذا طالب أتى إلى المدرسة وهو يبكي ولما سئل عن ذلك أجاب أنه رأى والده يفعل ذاك الشيء مع الخادمة! .. وهذه فتاة قد خرجت مع شاب فسلبها أعز ما تملك! .. وغيرها من الفواجع والكوارث الكثير .. والحر تكفيه الإشارة ..

يقول الصديق:
وكانت والدتي من نساء الطراز الأول .. لم تدنس فطرهن بالحياة المعاصرة ومشكلاتها المعقدة .. ولا تحب طرق هذه الأحاديث وسماع هذا الكلام .. حتى لو كان وعظا! .. بل تكرهه وتمجه وتمقته .. وتعد من ينقله ويفشيه "داشرا" .. حسب رأيها ..

وكان صاحبنا كالسيل الهادر .. يأسى على فساد المجتمع وانهيار الأخلاق .. يصرخ ويشنع ويستغيث .. وكنت والله أستغيث بالله من الكرب العظيم الذي نزل علي .. وأدعو في نفسي أن ينكف لسانه وينقطع صوته ..

خرجتُ سريعا وناديت والدتي وركبنا السيارة .. لاحظت كما توقعت .. أن والدتي لم ترتح للموعظة الصاخبة .. لأنها في العادة تشيد بما سمعت من وعظ وكلام حسن .. بل لزمنا الصمت حتى دخلنا الدار! ..


في مجلس آخر وزمان آخر .. تحدث أحد الجالسين أنه في أول أيام التزامه وبداية مسلكه .. حدّث والده بقصة شنيعة .. وقبيحة جدا .. أربأ بذكرها .. يقول .. فما كان من والدي إلا أن ركلني برجله ركلة أبعدتني منه ثلاثة أقدام! وقال: يا ولدي! ما عندك غير هذه القصص .. اسكت! ..

فليرحم الوعاظُ الحاضرين .. وهم شرائح وأطياف متنوعة .. من الكبير والصغير .. والمقيم والوافد .. والرجل والمرأة .. والمراهق والمراهقة .. فلكل مقام مقال .. وليس كل ما يعرف يقال .. والحكمة ضالة المؤمن .. وما حدثت قوما بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة .. ومن الناس من هو دقيق المشاعر .. مرهف الحس .. يكدّر خاطره أدنى انحراف عن الفطرة .. فما بالك بواعظ سرد حكايات ألف ليلة وليلة بأسلوب فج أمام الملأ! ..

يجب على كل واعظ .. أن يحترم عقول الناس .. ويراعي أحاسيسهم .. وأن يكون ذكي الفؤاد .. عالما بأحوال العباد .. يعرف ما يقول وما يدع .. ينثر المستحسن ويخفي المستبشع ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق