مرحبا بالزوار ..

مرحبا بالزوار في مدونتي الأولى .. يسعدني تشريفكم وإطلالتكم .. (خالد الحربي)














الأحد، 1 أغسطس 2010

خروف العيد!! ..

قصة خروف العيد لهذا العام قصة غاية في العجب .. لو كُتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر .. [هذا الوصف متكرر في "ألف ليلة وليلة"] ..

ابتعنا خروف العيد اليوم قبل صلاة العصر .. كان خروفا حرّيا أملح أقرن .. منظره يسحر النعاج الغوافل .. بعد مماكسة طويلة ومد وجزر اشتريناه بـ825 ريالا .. نقدناها البدوي تامة كاملة ..

وضعنا الخروف في صندوق سيارة أخي .. الفورد فيكتوريا .. مبتهجين بالخروف الجميل السمين .. ما إن وصلنا إلى الدار .. قمت بفتح الباب الخلفي .. لندخل الخروف في الفناء مباشرة .. وكنا قد ابتعنا ربطتين من الحشيش نعلف بها الخروف حتى يوم العيد .. ملأنا تورا قديما بالماء .. وأدنيناه من الخروف ..

ما إن نزعنا ثيابنا .. وارتحنا من عناء سوق الغنم ورائحته الشذية .. إلا والصارخ يأتينا .. الخروف فر .. الخروف فر .. انطلقنا نعدو إلى خارج الدار .. والذي حدث أن أحد الأطفال
فضولا منه فتح الباب الخلفي .. ودخل ليرى الخروف .. فتحرك الخروف نحوه .. وارتاع الصغير وهرب من الباب ولم يغلقه خلفه .. فانسل الخروف من الدار يعدو .. ممتثلا قول الشاعر:

إذا هبت رياحك فاغتنمها **** فإن لكل خافقة سكونِ ..

انطلق الخروف يعدو كالحصان .. ركب أخي سيارته .. وكان السابق فينا .. وركبت سيارتي أتبعه .. كان الخروف قد وصل إلى نهاية الشارع .. وانحرف يمينا آخذا الجادة العظمى .. يركض لا يلوي على شيء .. حتى تضايق الشارع أمامه .. كانت جموع الصبية وأهل النجدات تعدو خلف الخروف .. وبعض سيارات المارة توقفت تتابع المشهد .. وحضر الجيران وأهل المشورة سريعا ..

من سوء الحظ أنه كانت هناك أعمال حفر تقوم بها إحدى المؤسسات الوطنية .. لإنشاء شبكة صرف صحي في المنطقة .. زعموا! .. كانت الأحفار محفوفة بسياج مهلهل غير مشدود ارتفاعه حوالي المتر .. المهم كان صبية الحي الصغار يلاحقون الخروف بسرعة وخفة .. حتى تمكنوا من حكره في زاوية صغيرة .. فهداه التفكير في الوقت الحرج أن يقفز فوق السياج .. ظنا منه أنه سيواصل العدو من الناحية الأخرى .. إذا به يسقط في حفرة عمقها حوالي تسعة أمتار! .. يهوي بها على أمّ رأسه! ..

تردى في الحفرة .. وارتطم بسيخ حديد .. وتقلب وسط مياه آسنة في قاع الحفرة .. حتى تلوث جسده بكامله ..

تجمهر أهل الحي والمارة .. يطلّون برؤوسهم إلى أضحية العيد .. وابتدأ الواقفون باقتراح الحلول العاجلة .. هنا .. تبرع أحد الصغار .. وهم كالشياطين في الحي .. إلا أنهم أحيانا يكونون أصحاب مواقف .. تبرع الشيطان .. أن يهبط في الحفرة .. (والشياطين كل بناء وغواص) .. ويربط الخروف بحبل وتقوم البقية برفع الخروف إلى الأعلى .. وفعلا .. أحضر العمال القائمون على أعمال الحفر حبلا طويلا مفتولا بسرعة شديدة .. ودلّوه للشيطان .. ربط الحبل في منتصف جسد الخروف .. ثم أشار لمن فوق أن يبدأوا الرفع .. قام ثلاثة من المتطوعين بالرفع .. والخروف يثغو ويئن من الآلام والجراحات والكسور .. حتى أنه في أثناء عملية الشد تنحبس أحيانا أنفاسه وينقطع ثغاؤه .. لتحسب أنه قد فارق الحياة .. بعد جهد جهيد .. أظهروه على السطح .. فإذا به خائر القوى .. هزيل الجسد .. به جرحٌ غائر .. لستُ أدري أهو "الباضعة" أم "البازلة" أم غيرهما من الجراحات؟! .. كان الجرح يثعب دما متخثرا .. طوله حوالي خمسة سنتيمترات .. وكان الخروف مبتلا بالمياه القذرة .. فاستحال لونه إلى أدهم بعد ما كان أملح ..

قبل أن يستوي الخروف على السطح .. كان بعض رجالات الحي قد اقترح إحضار سكين مسنونة بشكل عاجل .. لتتم تذكية الخروف قبل أن يجود بنفسه ..

بصراحة كان الخروف "قرفان" .. ومبتئسا من مصيره المنكود ..

لكن أشار البعض أن نحمله إلى أقرب "مطبخ" ونذكيه حالا .. وليكن "شاة لحم" والله كريم .. هذا ما أشار به جمهور الحاضرين .. وقبل أن نغادر المكان .. إذا الشيطان الصغير يصرخ من الحفرة ينادي: نسيتوني؟! .. فأرخوا له الجماعة الحبل وتمسك به فرفعوه حتى ظهر يدبُّ على الأرض .. فشكرنا له جميل صنعه وطيب فعله .. فصرخ: لا! .. هذا حق وواجب ..

جررنا الخروف وألقيناه في صندوق السيارة وأخذناه للدار ثانية .. كان هزيلا .. يمشي مرة على أظلافه ومرة على ركبه .. وجرحه يثعب دما .. ملطخا أرضية فناء الدار .. وقد تشوه منظره .. وتلبد صوفه .. وربض على الأرض وقتا طويلا بلا حراك ولا ثغاء .. حتى ليخيل لمن رآه أنه يقضي ساعاته الأخيرة ..

صلينا العصر .. واشتورنا في أمره .. هل نذبحه أم نتركه ليوم العيد؟ ..

استأجرنا عاملا فربطه بقطعة من القماش على جرحه الغائر .. وتركناه في الآي سي يو تحت الملاحظة المكثفة .. آخر التقارير الصحية أفادت أن حالته مستقرة إلا أن إعياءا شديدا بدا عليه ..

فما اقتراحاتكم أيها السادة؟! ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق